[size=21]إطلالة السلاح النووي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كان يوم الثلاثاء 9 اكتوبر بالنسبة لمعظم الاسرائيليبن هو اسوأ يوم في
التاريخ. ففي هذا اليوم عرفوا أبعاد الهجوم المضاد الفاشل في سيناء،
وأدركوا ان توقعاتهم بتحول سريع في مجريات الحرب ليست سوى مجرد أوهام. وقد
وصف الجنرال طال هذا اليوم فيما بعد قائلا: لم يعد لدينا أي احتياطي يمكن
الاستعانة به، لم يعد لدينا أي شيء».
ووفقا لرواية نشرت خارج اسرائيل، فقد اجتمع مجلس الوزراء المصغر يوم
الاثنين 8 اكتوبر، وقرر اعداد ترسانة اسرائيل النووية، خوفا من انهيار
الجيش الاسرائيلي كلية.
ووفقا لتقرير نشرته الصحف الاسرائيلية بعد مرور ثلاثين عاما على الحرب،
ابلغ الجنرال طال مشاركين في اجتماع سري في 1974 بأن هيئة الاركان العامة
أوصت صباح يوم الثلاثاء 9 اكتوبر باتخاذ «اقصى الاجراءات» ضد العرب. ووفقا
للتقرير فقد اقترب احد كبار الضباط من طال والدموع في عينيه، وقال له:
«عليكم انقاذ اسرائيل من هؤلاء المجانين، ويقصد اولئك الذين وافقوا على
«اقصى الاجراءات».وقد أقيمت لرؤساء الصحف الاسرائيلية فرصة التعرف على
رؤية ديان القاتمة لتطورات الحرب، وذلك مساء يوم الثلاثاء.
وتناول حديثه غير القابل للنشر معهم أوضاع الجبهتين الشمالية والجنوبية.
وقال لهم ان الجيش الاسرائيلي ليست لديه القوة في الوقت الحالي لرد
المصريين الى الضفة الغربية للقناة ويتعين على اسرائيل ان تنسحب الى عمق
سيناء، وهو الامر الذي يحمل الكثير من المعاني، وفي مقدمتها فقدان الثقة
في قوة الجيش الاسرائيلي.
وفي داخل نقطة «هيزايون» المحصنة تبخر امل الاسرائيليين بحلول عصر يوم
الاثنين 8 اكتوبر. فقد اخترق رجال الصاعقة المصريون هذه النقطة عدة مرات
وفي الساعة 15,5 مساء ابلغ نائب القائد رؤساءه بأنهم لن يستطيعوا الصمود
أكثر من ذلك، وانهم سوف يستسلمون.
لم تكن هذه النقطة المحصنة الوحيدة التي استسلم افرادها للجيش المصري، فقد
تم اخلاء العديد من النقاط الاخرى، أو استسلم افرادها. وقد هرب العديد من
الجنود، عندما هبط الليل، وساروا لساعات ربما لأيام في الصحراء الى ان
وصلوا الى الخطوط الاسرائيلية، وبعضهم سقط في أيدي المصريين.
وفي نقطة «فاتسميد»، هاجم المئات من جنود المشاة المصريين المكان بعد ظهر
يوم الاثنين، وطلب قائد النقطة الكابتن جدعون جور امداده بدعم مدفعي، ولكن
الدعم كان ضعيفا. كان هذا هو اليوم الثالث للمعركة حول نقطة «فاتسميد»
وبدأت الذخيرة تنفد، وفي صباح يوم الثلاثاء استأنف المصريون هجومهم، فهرب
الاسرائيليون الى المخابئ، لكن قنابل الدخان أجبرت كل افراد النقطة،
وعددهم 35 جنديا اسرائيليا، على الاستسلام، وذلك في الساعة الثامنة من
صباح الثلاثاء.
وفي نقطة «بركان» الحصينة، أدرك قائدها الاسرائيلي أن المصريين سيصلون
اليها بين لحظة وأخرى وانه من غير المرجح وصول فرق انقاذ اسرائيلية، لذلك
فقد اتصل بالقيادة العليا وأبلغها بأنه سينسحب منها مع افراد وحدته. وعلى
الرغم من تردد القيادة في السماح له باخلاء هذه النقطة المهمة، الا انه
اتخذ القرار، وقام بتنفيذه بعد منتصف الليل، بعد احتجاب القمر، وقام أكثر
من 30 اسرائيليا بالسير في الصحراء لمسافة تزيد على عشرة كيلومترات.
وفي الصباح اكتشف المصريون ان الاسرائيليين قد انسحبوا من «بركان». عندما
دخل الفريق الشاذلي من بوابة الحصن بعد ساعات قليلة على هروب الاسرائيليين
قال «الحمد لله، الله اكبر».يقول المؤلف ان الجبهة الشمالية واجهت تطوراً
جديداً قلب موازين التفكير الاسرائيلي. فقد قرر العراق ارسال جنود ودبابات
وعربات مدرعة الى الجبهة للوقوف الى جانب الجيش السوري.
وعلى الرغم من ان المخابرات الاسرائيلية قد دربت رجال حرب العصابات
والاكراد لسنوات على إحداث اضطرابات تشغل الجيش العراقي في حالة نشوب حرب
اسرائيلية عربية، إلا أن الزعامة الكردية قررت في هذه اللحظة الحاسمة عدم
التورط في مغامرة عسكرية لصالح اسرائيل، وبدأ العراقيون بإرسال فرقة مدرعة
على أن يتم إرسال فرقة مدرعة ثانية بعد ذلك.ويقول المؤلف إن العراق أرسل
خلال الحرب 500 دبابة و700 عربة مدرعة و30 ألف جندي من بينهم وحدات قوات
خاصة.
مواقف القوتين العظميين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يشير المؤلف إلى أن النجاحات التي حققها العرب أذهلت المراقبين العسكريين
في عاصمتي القوتين العظميين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. ولم يكن
رئيس هيئة الاركان العامة السوفييتية المارشال فيكتور كوليكوف يعتقد أن
بمقدور المصريين عبور قناة السويس من دون مشاركة مباشرة من المستشارين
السوفييت، إلا أنه اعترف بعد ثلاثة أيام من نشوب الحرب بالنجاحات التي
حققها العرب.
وذلك في مذكرة قدمها إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي. وقال إن
الاسرائيليين فوجئوا بالحرب، ولم يكونوا مستعدين لها، كما أشار إلى الدور
الرئيسي الذي لعبه السلاح السوفييتي، خاصة صواريخ سام والاسلحة المضادة
للدبابات في تحقيق التقدم العربي.
أما في واشنطن فقد أثار النجاح العربي حيرة صانعي القرار الأميركيين. وفي
اجتماع لهم يوم السبت افترض معظم المشاركين أن اسرائيل بدأت الحرب. ولكن
عندما تأكدت الانتصارات العربية توقع خبراء وزارة الدفاع الأميركية أن
إسرائيل سوف تستعيد زمام المبادرة في غضون 72 ساعة مع بدء وصول أفراد
الاحتياط الى وحداتهم.
ولكن مع مرور الوقت أدرك وزير الخارجية الأميركي الدكتور هنري كيسنجر أن
المصريين يواصلون التقدم، بل إنهم يرفضون وقفاً لإطلاق النار. واعتقد
كيسنجر أن الرئيس المصري أنور السادات لن يستطيع الصمود طويلاً أمام
اسرائيل، وانه سيسعى إلى الحفاظ على الأرض التي كسبها من خلال طلب وقف
إطلاق نار، لكن ذلك لم يحدث.
وفي مساء يوم الاثنين 8 اكتوبر، نقل السفير الاسرائيلي دينتز رسالة إلى
كيسنجر تشرح تقويم تل أبيب للوضع، وهي الرسالة التي سبقت معرفة اليعازر
بالخسائر الفادحة التي لحقت بالجيش الاسرائيلي عندما قام بزيارة مسائية
للجبهة الجنوبية. وبالتالي لم يكن كيسنجر مستعداً لتلقي مكالمة هاتفية من
دينتز في الساعة 45,1 صباحاً ليطلب منه الاسراع في تلبية مطالب السلاح
الاسرائيلية.
لم يكن لهذا الاستعجال أي معنى لدى كيسنجر في ضوء التقويم الاسرائيلي لسير
المعارك، الذي تلقاه قبل ساعات. أبلغ كيسنجر السفير الاسرائيلي بأنه سيبحث
هذه المسألة صباحاً، لكن دينتز أعاد الاتصال به بعد ساعة، فأدرك كيسنجر
عندئذ ان الأمور تسير على نحو غير جيد.
كانت غولدا مائير هي التي طلبت من دينتز ذلك، وقالت له بالحرف الواحد: «لا
يعنيني ما الوقت الآن، اتصل بكيسنجر في الحال، فغداً ربما يكون قد فات
الأوان». في الساعة 20,8 صباحاً، التقى كيسنجر ومساعدوه في البيت الأبيض
بدينتز وموردخاي جور الملحق العسكري الاسرائيلي.
ذهل الأميركيون عندما أوضح لهم جور مدى الخسائر التي تكبدتها إسرائيل خلال
الأيام الأربعة الأولى من المعارك، وقد تضمن هذه الخسائر 49 طائرة حربية
و500 دبابة، أي ما يعادل ثمن سلاح الطيران وريع سلاح المدرعات فتساءل
كيسنجر مذعورا كيف حدث ذلك؟ رد دينتز قائلا إنه لا يعرف، ولكن من الواضح
ان اخطاء قد وقعت.
امر كيسنجر مساعديه بتقديم المعلومات الاستخباراتية التي طلبتها اسرائيل،
وابلغ دينتز بأنه سيرى ما يمكن فعله بشأن زيادة شحنات الاسلحة، ولاول مرة
يفهم كيسنجر السبب وراء رفض السادات لوقف اطلاق النار، فقواته المسلحة
تقوم بعمل مذهل، وتم الاتفاق على ان تقوم طائرات شركة الخطوط الجوية
الاسرائيلية «العال» بالهبوط، بعد اعادة صبغها، في قواعد جوية اميركية.
حيث يتم شحنها بالذخيرة والمعدات الالكترونية واسلحة اخرى تطلبها اسرائيل
الا انه اتضح ان طائرات العال السبع المتوافرة لا تكفي لتلبية احتياجات
اسرائيل، وقال كيسنجر انه سوف يجري مشاورات مع زملائه بشأن سبل زيادة هذه
الشحنات.