المشاركة36
لا شك أنه من طبيعة البشر التفاخر بالحسب والنسب . ومن البديهي- وربما كان من الضروري- أن يعـتـز معتنقو كل دين- بدينهم . ومن المتعارف عليه –أن الإنسان لا يحب أن يعلم الآخرون بعيوبه وزلاته ومحطاته الفاشلة في مسيرته الحياتية – سواء الشخصية أو العائلية أو حتى القومية والطائفية .
ولكن ليس من المعقول ولا المقبول ، ولا من المنطق ولا الحكمة ، وليس من الإيمان في شيء .. أن يفتخر الإنسان بالفشل ، أو أن يحاول إجبار الآخرين أن يقـرّوا ويُسلّموا- بأنه ناجح .. حتى وإن رسب ، أو أن يتوقع من الآخرين تصديق حُسن نيته ، وسلامة تفكيره- وهي تتناقض مع واقعه ، أو أن يطلب منهم أن ينظروا له من خلال تاريخه وماضيه –وأن يغضّـوا البصر عن حاضره .
ومُجـانبة للصواب والإنصاف ، وخلل ثقافي وفكري ، وعدم فهم من الإنسان لرسالته في الحياة .. أن تكون ثقتـه بنفسه وبنسبه - سبب في احتقاره لغيره ، أو أن يكون اعتزازه بدينه مدعاة لمحاربة الآخرين ، أو أن يتنكّـر لنجاحهم ويعتبره فشلاً .
لا أظن أن أحداً منا نحن العرب المسلمون يتجاهل الحقائق التالية : أن الفقر الغير مُبـرّر- يلتهم كرامة المواطن العربي المسلم كما تلتهم النار الحطب . وأن العدالة محكوم عليها في بلداننا شنقاً حتى الموت . وأن المحسوبية والوساطة والتملّـق ، والرشوة بأنواعها هي السبيل لنيل حقوقنا واحتياجاتنا الضرورية . وأن قوانيننا- كأنما- تستند إلى فرضيات .. مفادها أن المواطن .. مثقف ومتعلم ، وغني ، ومعافى في بدنه وروحه ، وأنه مُذنب حتى تثبت إدانته .
وأن المواطن العربي المسلم يدعو غيره إلى التحلّـي بفضيلتي الصدق والأمانة مهما كانت الظروف – ويضطر هو نفسه إلى ممارسة الكذب والخداع والخيانة في كثير من معاملاته اليومية . وأنه يعلم حجم –ذنب - جريمتي الغيبة والبهتان – ومع ذلك فهو يمارسهما – ويـدّعي الإيمان إلى جانبهما .
فمن أنت أيها المواطن العربي المسلم (اليوم) ..!
هل تظن أن إسلامك باللسان – يكفيك سبباً لدخول الجنة ، والنجاة من النار ..!
هل تعتقد أن صلاتك لله- التي لم تمنعك من الكذب والغيبة والتحايل .. هي مقبولة عند الله ..!
هل تظن أن قولك عن نفسك أنك مسلم مؤمن – يكفيك فخراً وأجراً ، ويكفي الآخرين احتقاراً وذنبا ..!
كيف تفهم وجود الفقر وغياب العدل- في مجتمعك (بلادك) ..! هل تفهمه على أنه عذر وسبب .. يبيح لك الكذب والسرقة والخداع والغش والغيبة ..! ..
أم تفهمه على أنه دافع وعذر شرعي .. للثورة الدموية والتآمر على ولي الأمر ، وانتهاك حرمات المجتمع والحق العام ، وإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار ..! ..
أم تفهمه على أنه فتنة وابتلاء .. كما قال الله تعالى .. بسم الله الرحمن الرحيم ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ) صدق الله العظيم . البقرة \ 155 .
إن الآخرين (غير المسلمين ) ، يرون الواقع ، ولا يرون النوايا . يرون الحاضر ولا يرون الماضي . يريدون الأفعال ولا يكتفون بالأقوال .

قال الشاعر العربي .. ( ليس الفتى من قال أبي .. ولكن الفتى من قال أنا ) .

إن رسالتنا وأمانتنا .. أيها الأحباب كبيرة .. فالإسلام إما أن يكون حُجّـة لنا ، أو حُجّـة علينا .
أيها الأحباب .. كما نـعتقد نحن المواطنون البُسطـاء .. ونقول عن أنفسنا أننا مسلمون مؤمنون ..، كذلك هو الحال مع الحكّـام والمسئولين .. فهم أيضاً يزعمون أنهم مسلمون مؤمنون ، وأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . وليس لأحد منا أن يجزم بعـدم إيمان الآخر .
فأين الخلل إذن ..! .. الخلل من وجهة نظري يكمن في عدم فهم الأغلبية منا لرسالتهم الإنسانية في الحياة ، وكذلك يكمن في عجز الذين فهموها عن أدائها . وأظن أن سبب عجز هؤلاء ، وعدم فهم أولئك لتلك الرسالة- يرجع إلى مغالطات ثقافية أدت بالفكر العربي إلى انحرافات جوهرية ، وكذلك اعتماد البعض في مناقشاتهم وكتاباتهم على مصطلحات لغوية ، ووقائع تاريخية – ربما انتهت صلاحياتها الفكرية والأدبية .
وأظن أننا بحاجة إلى الانطلاق من قواعد معرفية وثقافية مُحايدة .. نتفق عليها ، ثم نحكم من خلالها على نقاط الضعف في ثقافتنا .
أيها الأحباب أرى أنه علينا أولاً أن نعي .. الفرق بين الكائن البشري ، والآدمي ، والإنسان .. وهو موضوع قد تطرق له أحد علمائنا الأفاضل .. وسأوجزه في مقال قادم - بإذن الله تعالى .

المشاركه 24
مشكور الف شكر اخي يحيى على هل مو ضوع الجميل والهادف
اتمنا انو تكون وصلت رسالته وهدفك من
هل مو ضوع