منع مجلة فرنسية من دخول المغرب لنشرها صورة مزعومة للرسول

الرباط - حسن الأشرف

منعت الحكومة المغربية عددا خاصا من المجلة الأسبوعية الفرنسية "إكسبريس إنترناسيونال" في العدد ما بين 30 أكتوبر/تشرين الأول إلى 5 نوفمبر/تشرين الثاني، بسبب تضمنها ملفا مكونا من عشر صفحات تظهر على غلافه صورة تزعم المجلة أنها للرسول صلى الله عليه وسلم، ومقالات ركزت على القيام بمقارنة بين الإسلام والمسيحية، متضمنة "إشارات تسيء للإسلام".

وفي شأن إعلامي مغربي متصل، وصف محامون وهيئات حقوقية بالمغرب الحكم الصادر في حق جريدة "المساء" المغربية الخميس 30 أكتوبر/تشرين الأول والقاضي بتغريمها مبلغا ماليا كبيرا يناهز 800 ألف دولار، بأنه حكم جائر غير مسبوق في تاريخ الصحافة المغربية، وبكونه حكما سياسيا وليس حكما قضائيا، "انتقاما من الخط التحريري" لأول جريدة بالمغرب من حيث عدد المبيعات.

إساءة للإسلام

وبخصوص منع المجلة الفرنسية، قال خالد الناصري وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، في حديث للعربية.نت الأحد 2-11-2008 إنه اتخذ قرار منع ولوج المجلة الفرنسية للمغرب؛ لأن المجلة تضمنت ملفا يسيء للإسلام، بالإضافة إلى كون قانون الصحافة بالمغرب -في فصله 29- يمنحه الصلاحية لمنع كل جريدة أو مجلة أو أية مطبوعة أجنبية تتضمن إساءات واضحة للإسلام، بالدخول إلى التراب المغربي أو إعادة توزيعها أو طبعها..".

وحول الانتقادات التي قد تُوجه لقرار المنع من كون القارئ المغربي ليس قاصرا وبإمكانه أن يُقَيم ما هو صالح له ولهويته الإسلامية وما هو غير صالح لهما، أجاب الوزير المغربي متسائلا "حين اندلعت الانتفاضات الشعبية الهائلة في العالم الإسلامي ومن بينها المغرب بسبب الرسوم المسيئة لمقام الرسول في صحف دنمركية، هل كان القارئ المغربي حينها ناضجا أم غير ناضج؟!".

واعتبر الناصري أن من يقول مثل هذا الكلام غير ناضج، وليس على قدر المسؤولية، مضيفا "أنا تحملت مسؤوليتي كوزير للاتصال في الحكومة المغربية؛ ومن يدعي مثل ذلك الكلام عليه أن يكون شجاعا ويقول إن الحكومة المغربية أساءت التصرف بمنعها المجلة الفرنسية من الدخول إلى المغرب..".

قرار سيادي

ومن جانبه، أكد الدكتور محمد ضريف، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، لموقع العربية.نت أن قرار الحكومة المغربية منع المجلة الفرنسية لا يتعلق بالرغبة في حجب الحقيقة أمام المغاربة، بل هي "التزامات للدولة يجب أن تقوم بها".

وأضاف ضريف أن دخول المجلات للتراب المغربي يخضع لنوع من الرقابة وهو مُتحكم فيه، وبالتالي لا يمكن أن نظن أن الوزارة الوصية والسلطات العمومية بالمغرب يمكنها أن تغض الطرف عن دخول وتداول مجلة تتضمن إساءات للإسلام أو للرسول الكريم، بدعوى أن المغاربة يمكنهم التمييز بين الغث والسمين، ذلك أن حرية التعبير ينبغي أن تكون مكفولة لكن في حدودها المعقولة.

وحول الربط بين قرار منع المجلة الفرنسية ومحاولة تطييب خاطر الإسلاميين، بعد إغلاق عشرات دور القرآن في المغرب، شدد ضريف على أنه ربط لا يمكن استحضاره في هذا المقام، لأن قرار منع المجلة اتخذته وزارة الاتصال باعتبار أن المجلة تتضمن إساءة للإسلام، في حين أن قرار إغلاق دور القرآن اتخذته وزارة الداخلية لأسباب أخرى.

جدير بالذكر أن الفصل 29 من قانون الصحافة المغربي ينص على أنه "يمكن لوزير الاتصال أن يمنع -بموجب مقرر معلل- أن تدخل إلى المغرب الجرائد أو النشرات الدورية أو غير الدورية المطبوعة خارج المغرب، التي تتضمن مسا بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو الوحدة الترابية، أو تتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك أو بالنظام العام. وإذا وقع عن قصد عرض الجرائد أو النشرات الممنوعة للبيع أو توزيعها أو إعادة طبعها عوقب عن ذلك بحبس لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات، وبغرامة يتراوح قدرها بين 1200 و50.000 درهم".

تغريم صحيفة مغربية

وفي شأن إعلامي مغربي متصل، وصف محامون وهيئات حقوقية بالمغرب الحكم الصادر في حق جريدة "المساء" المغربية الخميس 30 أكتوبر/تشرين الأول والقاضي بتغريمها بمبلغ مالي كبير يناهز 800 ألف دولار، بأنه حكم جائر غير مسبوق في تاريخ الصحافة المغربية، وبكونه حكما سياسيا وليس حكما قضائيا، "انتقاما من الخط التحريري" لأول جريدة بالمغرب من حيث عدد المبيعات.

وقد قضت محكمة الاستئناف بالرباط بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بتغريم الجريدة لفائدة النواب الأربعة للوكيل العام للملك بمدينة "القصر الكبير" (شمال البلاد)، والذين رفعوا شكاية ضد الجريدة السنة الماضية بعد نشر خبر عن حضور واحد منهم، لم يذكر بالاسم، لحفل قيل إنه "زواج شواذ" بالمدينة.

وقال المحامي مصطفى الرميد، عضو هيئة الدفاع عن جريدة "المساء"، في حديث للعربية.نت، تعليقا على الحكم، إنه "غير مسبوق في تاريخ الصحافة المغربية، من حيث ما قضى به من تعويض ضخم"، مضيفا "حتى لو افترضنا جدلا أن هناك ما يدعو إلى الحكم على الجريدة بتعويض معين، وهو ما لا أعتقده، كان ينبغي أن يكون التعويض ملائما، لكن المحكمة للأسف قضت بمبلغ مالي كبير يُستشف منه الانتقام ووضع حد لحياة الجريدة ككل".

وأكد الرميد أن محامي جريدة "المساء" سيتقدمون بطلب النقض والإبرام أمام المجلس الأعلى للقضاء، غير أن تقديم الطلب لا يوقف التنفيذ مما يعني أن رشيد نيني -مدير الصحيفة- سيكون مهددا في كل ما يملك، خاصة أن الغرامة كبيرة (800 ألف دولار) وهي لا تؤدى حتى لأهل قتيل أو ضحية من ضحايا حوادث السير.

واستطرد المحامي المغربي بأن الحكم يثبت أنه "ليس لدينا قضاء مستقل، إنما قضاء تابع يخدم أهدافا أخرى لا علاقة لها بغايات وأهداف القضاء النزيه".

"حكم سياسي"

وشدد توفيق بوعشرين، رئيس تحرير جريدة "المساء" -في حديث للعربية.نت- على أن الحكم الصادر في حق الصحيفة حكم سياسي وليس حكما قضائيا، والغرض منه "الانتقام من الخط التحريري والسياسي الجريء للجريدة وتكميم صوتها؛ بسبب تطرقها لقضايا الفساد والرشوة وحالات استغلال النفوذ والشَّطَط في استعمال السلطة والكشف عن بؤر الفساد والحديث عن أشكال الإدارة غير العقلانية، وغيرها من المواضيع التي تهم الواقع الحقيقي للمغرب.

وأردف بوعشرين أنه تم استغلال خطأ بسيط للجريدة تحدث عن خبر غير صحيح، ورغم تصحيحنا للخبر واعتذارنا عنه وفقا لمبادئ وأعراف الممارسة الصحفية؛ فإن ذلك لم يحُل دون الحكم بإعدام الجريدة بغرامة تعتبر الأثقل من نوعها في تاريخ المحاكمات الصحفية على الإطلاق بالمغرب، ذلك أن الجريدة أصبحت منبرا يقض مضجع بعض دوائر النفوذ بالبلاد.

وقال بوعشرين بخصوص مسألة رفع الحكم إلى مرحلة النقض والإبرام بأن مسؤولي الجريدة ليسوا متفائلين كثيرا بهذه المرحلة، مبررا تشاؤمه بكون القضاء المغربي يعرف اختلالات كبيرة باعتراف كبار المسؤولين في البلاد، وبأنه أحيانا يتم من خلال بعض أحكام هذا القضاء تصفية الحسابات مع خصوم الدولة.

تضامن دولي

وقال -بدوره- جمال ريان، مسؤول في اللجنة الدولية لمساندة جريدة المساء، للعربية.نت، إن الحكم يعتبر إعداما للصحافة المستقلة وتكميما لأفواه الصحفيين، محذرا الصحفيين المغاربة من أن هذا الحكم سيجعلهم حذرين من أي حديث في القضايا أو المواضيع الحساسة، ومن فعل ذلك عليه أن ينتظر مصير "المساء".

وأبرز ريان أن اللجنة الدولية لمساندة جريدة المساء تتواصل حاليا مع منظمات حقوقية دولية للقيام بحملة على الصعيد الدولي؛ من أجل التضامن مع جريدة المساء ومديرها رشيد نيني وصحافييها قاطبة.