لاتفكروا .. نحن نفكر عنكم!!
حدث وتعليق
الأربعاء 19/4/2006
علي نصر الله
.. وتتوالى فصول القصة القديمة الجديدة المحكومة بنوازع شطب وإلغاء الآخر وفرض هيمنة الغرب على الشرق وسيطرة دول الشمال على دول الجنوب لكن هذه المرة بأشكال اكثر حداثة فيها كل اساليب ووسائل الخداع والتضليل المتكئة على شعارات العولمة ومفردات ومصطلحات العالم الحر المبتدعة.
الغرب الذي يثير منذ عدة اشهر هذه الضجة الاعلامية والسياسية حول الملف النووي السلمي الايراني لسان حاله في كل ما يزعم كأنه يقول : لا تفكروا .. نحن نفكر عنكم, دعوا المعرفة والعلم جانبا وتعلموا خلال المدة التي نحددها لكم كيف تكونون جزءاً من العالم الديمقراطي الحر!!.
ايران الدولة الموقعة على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي والملتزمة بقوانين ومعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية , والتي تفتح منشآتها امام المفتشين الدوليين ومعها كل الدول العربية والاسلامية لا يجوز لها البحث عن مصادر الطاقة البديلة , ومن غير المشروع لها ان تجري اي ابحاث علمية تزيد من معارفها وتقوي من قدراتها الذاتية التي تمكنها بدورها من امتلاك التكنولوجيات المتطورة , اما اسرائىل الكيان الغاصب الذي يعلن عداءه ويمارس عنصريته ضد الثقافة الانسانية والتاريخ والجغرافيا قبل الانسان في فلسطين والمنطقة ..فالتعاطي الاميركي والغربي معه يتم تحت عناوين اخرى.
ويتقاطع تعاطي العالم الغربي مع الملف النووي الايراني اليوم بالحديث المشترك عن ان نشاطات طهران لا مبرر لها , وعن انه ليس هناك من حاجة مدنية لها , ويدفع الغرب وأميركا بعامل الثقة الى الميدان , فيتحدثون عن انعدام الثقة بين ايران والاسرة الدولية , وكأن للثقة هذه اتجاها واحدا.
ويلوح العالم الغربي بفرض العقوبات الاقتصادية على طهران وباستخدام القوة ضدها اذا ما استمرت على موقفها , فقط لان نشاطاتها النووية السلمية يمكن ان يكون لها بعد نووي عسكري مازال المفتشون الدوليون لايمتلكون أي إشارات حول هذا البعد المزعوم.
هم لا يصدقون إيران , ويحاولون تكذيب المفتشين الدوليين أوجعلهم يقولون مايرغبون به , يبنون قراراتهم على مجرد الشك ويتجاهلون ترسانة اسرائيل النووية وتهديداتها .. وبعد ذلك كله يتحدثون عن عامل الثقة فمن الذي يحق له ان يقول للاخر انك فاقد المصداقية ولست اهلا بالثقة ?!.
ان مايجسد شعار دعونا نفكر عنكم هو ادعاء الغرب عدم وجود حاجة مدنية لنشاطات وابحاث طهران النووية الذي يعبر عن مصادرة مرفوضة لحق الاخر بالتفكير وامتلاك المعرفة, ذلك ان ايران هي من يحدد وليس اي طرف اخر حاجتها أو عدم حاجتها لتطوير مصادر الطاقة لديها , وهي بذلك تمارس حقها المنصوص الذي كفلته القوانين الدولية , وينبغي على (العالم الديمقراطي الحر) ان يتخلى عن صلفه وعنجهيته , وان يكف عن محاولة افتعال معركة خاسرة معها .