جميل عضو فعال
الجنس : المساهمات : 166 العمر : 61 تاريخ التسجيل : 12/02/2009
| موضوع: معضلة الرق في الفكر الإسلامي التقليدي السبت نوفمبر 13, 2010 4:08 pm | |
| معضلة الرق في الإسلام و انهيار التصورات السلفية :
عدم وجود نص صريح في القرآن الكريم و لا في السنة النبوية الشريفة يقضي بتحريم الرق في الإسلام, كانت و لا تزال معضلة من معضلات الفكر الإسلامي التقليدي .لكن المعضلة تتفاقم عند السلفيين من يسمون أنفسهم أهل السنة و الجماعة, باعتبارهم الفرقة الناجية, حيث لا ينبغي أن يعجز هؤلاء عن تقديم حل لكل ما يقدمه خصوم الإسلام كاعتراضات و مآخذ. خاصة حين نرى محاولة ظهور هؤلاء السلفيين بمظهر الواثق من دينه الذي لا يحرجه شيء قط . لكن الحقيقة تفضح هؤلاء القوم, لأنهم يدعون الفخر و هم عاجزون عن إثبات قوة الإسلام الحنيف بالبراهين العقلية المقبولة. فتبقى دعاويهم عارية عن الدليل و يبقى سلوكهم مجرد مكابرة و عناد .
من أهم ما يحرج الفكر السلفي و الفكر الإسلامي التقليدي قضية الرق في الإسلام . حيث لا يستطيع هؤلاء تقديم نص واحد يقضي بتحريم الرق في الإسلام. فراح القوم يجتهدون لردم الهوة الفكرية و لسد النقص الكبير في فهمهم , و راحوا يبتكرون حلولا من بنات أفكارهم لعلهم يقنعون الناس بعظمة الإسلام رغم عدم تحريمه صراحة للرق.
فها هو الشيخ حازم أبو صلاح, يحذو حذو الشيخ البوطي , لعله يفلح في إقناع الناس بعظمة الإسلام من غير تحريم للعبودية . فيزعم الشيخ أنه سيقدم للمسلمين ما يجعلهم يفتخرون بدينهم الحنيف .فيقول الشيخ أن قوانين الأمم المتحضرة كلها تبيح قتل الأسير. لكن الإسلام العظيم, جفف كل منابع الرق باستثناء منبع واحد ألا و هو الأسر في الحرب .و مع ذلك عامل الأسير معاملة رائعة يحق للمسلم أن يفتخر بها أمام كل شعوب العالم التي تدعي الحضارة .فيزعم الشيخ أن الإسلام قرر حلولا متعددة للأسير. حيث يمكن للسلمين قتل الأسير . أو إطلاق سراحه دون مقابل .منا . أو إطلاق سراحه مقابل فدية . أو إمساكه رقيقا عبدا .
و عظمة الإسلام تظهر في الحل الرابع أي الاسترقاق , لأن العبد الأسير سيعيش في المجتمع المسلم , و سيحتك بالمسلمين و يطلع على عقائدهم و على معاملاتهم الحسنة, و ينتهي به المطاف على قبول الإسلام, و من ثمة دخول الجنة ,
فها هي عظمة الإسلام عند الشيخ البوطي و عند الشيخ حازم أبي صلاح, و عند الشيخ إبراهيم بن عامر الرحيلي و عند ياسر البرهامي و عند سائر السلفيين الذين لا يعرفون الكتاب إلا أماني .
بكل صراحة يا شيخنا أبا صلاح كلامك لا يقنع عاقلا قط .لأن الإسلام بريء من فهمك و فهم البوطي و البرهامي .بل اجتهاداتكم توحي بضياعكم الفكري , حيث لم يستطع أحدكم تقديم تحليل مقنع و فهم صحيح لقضية الرق في الإسلام .فصرتم تلتمسون تبريرات تزيد المعضلة وضوحا و تزيد الإسلام تشويها .
لكن الحمد الله أن الإسلام بريء من تصوراتكم .و هو دين الله الحق , الذي لا يحتاج إلى تبريرات كي يفتخر به المسلم.بل يفتخر المسلم بإسلامه بالحق و ليس بتبريرات واهية .و الحمد لله الذي من على المسلمين ببعثة الإمام المهدي المسيح المحمدي عليه الصلاة و السلام , الذي أظهر بحق عظمة الإسلام, و قدم الفهم الصحيح الرائع في قضية الرق و في كل قضايا الإسلام الحنيف .
و قبل أن نورد تصور الجماعة الإسلامية الأحمدية لقضية الرق في الإسلام, لا بد من طرح سؤال على الشيخ أبي صلاح و أمثاله : أين دليلكم من كتاب الله على أن الأسير يمكن أن يقتل أو أن يستعبد؟.
لن يمكنكم تقديم دليل قط .
و هنا نرى البدع التي يحدثها هؤلاء في دين الله ضاربين بالقرآن عرض الحائط . الإسلام الحنيف وضع حلين لا ثالث لهما للأسير و هما (( المن أو الفداء)) . و لا وجود للقتل و لا للاسترقاق .
يقول الله تعالى : {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} (4) سورة محمد.
فمن أين استمد هؤلاء هذين الحلين الذين شوها صورة الإسلام الحنيف ؟.
بعث الله تعالى رسوله خاتم النبيين عليه الصلاة و السلام في زمن كانت ظاهرة الاسترقاق مستفحلة في المجتمع الجاهلي . و كان هؤلاء العبيد و الإماء لا يعرفون كيف يسيرون أمورهم أصلا .لأنهم ألفوا عيشة العبودية , بحيث صاروا أشبه ما يكونون بحيوانات أليفة , لا مهمة لها سوى القيام بالأشغال التي يريدها مالكوهم .
و لكون الله تعالى عليما حكيما , عالج هذه الظاهرة الإجتماعية المرضية الظالمة بحكمة منقطعة النظير . حيث لم ينزل الله تعالى حكما بتحريم الرق فورا . لأن ذلك كان سينتج خرابا اجتماعيا رهيبا .
حيث سيقوم المسلمون فورا و دفعة واحدة بإعتاق كل عبيدهم .و إلقائهم في الشوارع فريسة لكل المتاعب و المصاعب و الاستغلال .
بالمقابل , سيرى العبيد الذين لا يزالون تحت حكم الكفار أن فرصة التخلص من الرق تكمن التمرد على مالكيهم دفعة واحدة بقبول العبيد دين الإسلام لا لشيء إلا لنيلهم حريتهم فورا .فيضطر السادة إلى قمع ثورة الرقيق بأقسى صور القمع .و تحدث مجازر رهيبة .
لذا حارب الإسلام ظاهرة الرق حربا حكيمة جدا, حيث فرض على المسلمين تحرير عبيدهم في كل مناسبة من مناسبات حياتهم تقتضي التكفير عن ذنب ما أو في كل مناسبة سعيدة .
و بالتأكيد أن الإسلام لم يستثن مصدرا واحدا من مصادر الاسترقاق , بل هي جميعها باطلة محرمة .فلا رق و لا عبودية في الإسلام.
و بهذه الطريقة الحكيمة انتهى الرق و انتهت العبودية في الإسلام و إلى الأبد .
لكن أمثال هؤلاء المشايخ المتكبرين عن الحق , يريدون إطالة عمر الرق و العبودية بفهمهم التائه الضال .فخلطوا الرق الذي جاء الإسلام فوجده ظاهرة معيشة و أنهاها بحكمة عظيمة, هؤلاء المشايخ خلطوا بين الرق و الأسر . فزعموا أن الأسير يصبح ملكا للمسلمين .ففهم المشايخ أن مصادر الرق كلهم انتهت إلا مصدرا واحدا هو الأسر في الحرب. و هذا عين الضلال عند هؤلاء المبتدعة .
الأسر شيء بعيد كل البعد عن العبودية. لأن العبودية محرمة بالفطرة أصلا و تحتاج نصا . بينما الأسر ينتج عن الحروب القتالية .
فالأسير في الإسلام, تنتهي قصة أسره بحلين فقط لا ثالث لهما .و هما :
المن. أي إطلاق سراحه دون مقابل . أو الفداء , و هو أن يأخذ المسلمون لقاء إطلاق سراح الأسير فدية. قد تكون أسيرا مسلما لدى العدو. و قد تكون مالا. و قد تكون تنازلا عن أرض محتلة , و ربما مقابل علم الأسير كما حدث في زمن رسول الله الصادق الأمين .حيث أطلق سراح الأسرى لقاء تعليم كل واحد منهم عشرة من المسلمين القراءة و الكتابة .
أما القوم أن الإسلام يبيح قتل الأسير أو استرقاقه فهذه من أكبر الإساءات التي شوه بها التقليديون صورة الإسلام الحنيف .
فإلى متى تستكبرون يا علماء الأمة على المبعوث الرباني الذي اجتباه الله تعالى و اختاره لإعادة نضارة الإسلام و جماله و روعته ؟.
و اعلموا أنكم ستبقون تتخبطون في شباك التناقض و التبريرات الواهية السخيفة ما دمتم تعرضون عن دعوى إمام الزمان حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه الصلاة و السلام , إمام الأمة و مسيحها .
| |
|