ومينز إي نيوز)-- في العام 1992، قبل أن أتخرّج، تعرّضت للإغتصاب من قبل طالب زميل لي عندما كنّا ثملين. لم يكن هو الشاب الذي أواعده، ولم أبد يوماً إعجاباً تجاهه في اليام العادية. إلا أنّنا تلك الليلة كنّا سوياً في حفلة حاولت فيها جاهدةً البقاء "صاحية" مع أصدقائي في القسم الذي يشربون فيه الكحول وانتهى بي المطاف بأن ثملت أكثر بكثير ممّا أردت. عدت حينها إلى غرفتي فتبعني ثمّ اغتصبني.

بالنظر إلى الوراء، يمكنني أن أتخيّل عدداً كبيراً من التدخلات الإجتماعية أو من المؤسسات ربّما كانت ساعدت على منع هذا الإعتداء من الحصول. إلاّ أنّ أياً منها لا يضمّ المقاربة التي تذكرها العديد من المقالات المتعلّقة بهذا الموضوع والتي تقضي بـ"زيادة الوعي" بين النساء الشابات اللواتي يثملن علناً ويعرضهن هذا الأمر لمخاطر الإستغلال والإعتداء الجنسي.

لم تُعتبر هذه مقاربة عقيمة؟ للأسباب ذاتها التي لا تدفع التعليم إلى القيام بأي عمل لوقف انتشار الأمراض المنقولة جنسياً (وهي حتى تساهم بانتشارها).

فهناك عدد قليل من الناس، من مختلف الأعمال والجندر، يخرجون ويشربون الكحول إلى أن يثملوا معتقدين أنّه عمل مسؤول. ومهما كان صحيحاً أنّه من الأكثر أماناً عدم الشرب حتى الثمالة (حوالى 70 في المئة من حالات الإغتصاب بين تلامذة المدارس سببها إمّا الكحول أو المخدّرات)، فالنساء الشابات لا يسمعن عن هذه المخاطر من الوالدين، أو إدارة المدارس أو نشرات الأخبار المسائية أو الـ"سي آس أي" أو نسخة "القانون والنظام" على شاشات التلفزة. في الواقع، بالنسبة إلى العديد من الشباب الإناث والذكور، يُعتبر شرب الكحول نوعاً من أنواع التّمرد وهو يغريهم بالتحديد بسبب التحذيرات كافة التي ترافقه.

ثلاث خطوات إيجابية
إذاً ما الواجب عمله؟ لا يمكن أحد تأكيد التحرك الواجب القيام به، لكن هناك ثلاثة أمور كانت ربّما أعطتني فرصة لمحاربة الإغتصاب:


تحميل المسؤولية للرجال والفتيان.

لنلق نظرة عن كثب إلى ذلك الإرتباط بين الإغتصاب والكحول. إنّه ليس ارتباطاً بين شرب الكحول عند النساء والإغتصاب بل ارتباط بين كافة الأشخاص الذين يشربون الكحول والإغتصاب. في الواقع، أشارت الدراسات إلى أنّ الرجل الذي يغتصب المرأة يكون ثملاً أكثر من ضحيته الانثى. لذا، إذا أردنا زيادة التوعية حول الصلات بين شرب الكحول والإغتصاب، علينا أن نبدأ بإطلاع الذكور على أنّ الكحول تضعف قدرتهم على الإجابة بالشكل المناسب في حال قال الشريك "لا". متى قرأت آخر مرّة هذه المقالة في أحد المنشورات الصحافية؟

إنّ الصمت حول شرب الكحول لدى الرجال هو بالطبع جزء من الثقافة الواسعة لمبدأ " الصبية هم صبية" ، وهي شكّلت جزءاً كبيراً في عملية الإعتداء عليّ. فالحفلة التي كنت أحضرها أقامها فريق الشباب في الرياضة، وقد قدّم المدرّبون الكحول. هل يقومون بالأمر ذاته مع فريق رياضي نسائي.

إنّها الثقافة التي تدعم اغتصاب أحد المعارف وعملت النسويات المثقفات على تفكيكها منذ عشرات السنين. إنّ محاسبة الرجال والشباب ليس حلاّ سريعاً. إنّما عندما نناقش مسألة الكحول ونهمل تسليط الضوء على شرب الكحول عند الرجال، نكون حينها نلعب لعبة نلوم فيها الضحية على ما حصل ونجعل اغتصاب المرأة أمراً سهلاً بالنسبة للرجال.

وبالطريقة نفسها، علينا تعليم الرجال أنّ أفضل وسيلة لتجنّب أن يصبحوا من المغتصبين هي في البحث عن الموافقة الإيجابية، تتعارض مع ترك الأمر فقط للمرأة لتقول "لا".

في هذا الوقت، هناك بعض الأمور الواجب علينا القيام بها للمحافظة على سلامتنا على المدى القصير، وتضمّ هذه الأمور:


تعزيز رسالة أكثر تطوراً تؤكّد هذه الرغبة. وذلك يعني تجاوز الدفاع عن "الإمتناع". نعم، قولوا للنساء الشابات أنّه عندما يتعلّق الموضوع بالوقاية من العنف الجنسي، عدم شرب الكحول أكثر أماناً.

لكن لنقف عند هذا الحدّ، فنحن نضع امكانية خاطئة ومستحيلة، بين عدم الثمالة والإغتصاب. يمكن لشرب الكحول أن يكون مسلياً على الصعيدين الإجتماعي والكيميائي، ومعظمنا سيختار السعادة الفورية على الخطر التجريدي للعنف أو الموت، على الأقل في بعض الأوقات. أضف إلى ذلك، فإنّه كلّما حذّر الراشدون من أمر ما بشكل أكبر، كلّما أصبح هذا الموضوع كفعل تمرّد بالنسبة إليهم.

إعطاء كافة المعلومات
عوضاً عن ذلك، لنحاول مقاربة التربية الجنسية الأكثر أماناً: معاملة النساء الشابات على أنّهن أشخاص يمكنهم اتخاذ قرارات مطّلعة من خلال إعطائهم المعلومات كافة. وهي رسالة قد تعني ما يلي:

أ- عدم شرب الكحول على الإطلاق هو الأمر الأكثر أماناً الواجب القيام به


ب- في حال قرّرت أن تشربي، عليك أن تشربي باعتدال و/ أو برفقة صديق لك تثقين بأنّه ينتبه إليك. (ليس فقط شخصاً تعرفينه إذ إنّ حوالى 80 في المئة من ضحايا الإغتصاب على معرفة بمغتصبيهم).

ج- إذا أردت أن تستمتعي إلى حدّ بعيد، أو تبين لك أنّه لا يمكنك الإعتماد على صديقك كما كنت تأملين، او إن كنت غير ثملة وتحاجين إلى معرفة بأية حال انت، تعلّمي كيفية الدفاع عن نفسك في حال أجبرك رجل ما على إقامة علاقة جنسية أو تعرّضت للإعتداء الجنسي.


تعليم واسع الإنتشار لمهارات الدفاع عن النفس الفعّال للنساء والفتيات.

لم أحاول أبداً دفع ذاك الفتى عنّي، وبتت الآن أعرف أنّه كان من السهل عليّ القيام به، حتى إن كان كبير الحجم وفي الواقع هو لم يكن كذلك. لكن لم يحصل لي يوماً القيام بأي عمل جسدي لحماية نفسي. لماذا؟ ليس لأنّني كنت ثملة، بل لأنّه بكلّ بساطة لم يخبرني أحد طوال حياتي انّ جسدي قادر على العمل للدفاع عن نفسي (وكثير من الرسائل أعربت لي عكس ذلك).

النساء يمكنهن استخدام أجسادهن
هذا الأمر صحيح: النساء والفتيات يمكنهن الشعور بأمان من خلال استخدام أجسادهن للدفاع. فلا داعي لوجود رذاذ الفلفل ولا الصفارات. فحتّى النساء اللواتي لا يعملن خارج المنزل أو النساء البدينات أو الضعفاء جسدياً يمكنهن الدفاع بواسطة أجسادهن.

لم كثير من النساء لا يعرفن ذلك، إنّه بالفعل أمر محيّر. إنّ جزءاً من ثقافتنا التي تعتمد على العنف ضدّ المرأة كوسيلة للحفاظ على كلّ شخص "في مكانه" تعمل جاهدة لتمنعنا من المعرفة. لكنّ النساء يلعبن دائماً دوراً في عدم المعرفة هذه، إن بسب عدم ارتياحهن في عملية التعليم خوفاً من أن ينجح هذا الامر مع الآخرين وليس معنا، أو لأسباب معقّدة أخرى. (لمعرفة المزيد عن هذه الظاهرة، اقرأوا المقالة الرائعة لأنستازيا هيجينبوثام في مجلة بيتش " الرفس والإستهجان—لم نقاوم الدفاع عن النفس؟)

وبصرف النظر عن هذه المقاومة، علينا جميعاً أن نتعلّم كيف ندافع عن أنفسنا ونصرّ على أن تعلّم مدارسنا والمؤسسات الرسمية الأخرى الفتيات كافة والنساء المهارات ذاتها وليس فقط من أجل سلامتنا الخاصة. لأنّ الطريقة الأكثر عملية لتخفيض خطر الإغتصاب بالنسبة إلى النساء يكمن في خلق ثقافة بموجبها يشعر المغتصب بالقلق من أنّه سيتأذى إن قام بهذا العمل.